كفرندي فرند سيفي الجراز



كَفِرِندي فِرِنْدُ سَيْفي الجُرازِ

لَذّةُ العَينِ عُدّةٌ للبِرازِ

تَحْسَبُ الماءَ خَطّ في لَهَبِ النّا

رِ أدَقَّ الخُطوطِ في الأحرازِ

كُلّما رُمتَ لَوْنَهُ مَنَعَ النّا

ظِرَ مَوْجٌ كأنّهُ مِنكَ هازي

ودَقيقٌ قَذَى الهَباء أنيقٌ

مُتَوالٍ في مُسْتَوٍ هَزْهازِ

وَرَدَ الماءَ فالجَوانِبُ قَدْراً

شَربَتْ والتي تَليها جَوازي

حَمَلَتْهُ حَمَائِلُ الدّهر حتى

هيَ مُحتاجَةٌ إلى خَرّاز

وهْوَ لا تَلْحَقُ الدّماءُ غِرارَيْـ

ـهِ ولا عِرْضَ مُنتَضيه المَخازي

يا مُزيلَ الظّلام عَنّي ورَوْضي

يَوْمَ شُرْبي ومَعقِلي في البَرازِ

واليَمانيْ الذي لو اسطَعْتُ كانتْ

مُقْلَتي غِمْدَهُ مِنَ الإعزَازِ

إنّ بَرْقي إذا بَرَقْتَ فَعَالي

وصَليلي إذا صَلَلْتَ ارْتِجازي

لم أُحَمَّلْكَ مُعْلَماً هَكَذا إلا

لِضَرْبِ الرّقاب والأجْوازِ

ولِقَطْعي بكَ الحَديدَ عَلَيْها

فكِلانَا لجِنْسِهِ اليَوْمَ غازِ

سَلّهُ الرّكْضُ بعدَ وَهْنٍ بنَجدٍ

فتَصَدّى للغَيثِ أهْلُ الحِجازِ

وتَمَنّيْتُ مِثْلَهُ فكَأنّي

طالبٌ لابنِ صالحٍ مَن يُؤازي

لَيسَ كلُّ السّراةِ بالرّوذَبَاريِّ

ولا كُلُّ ما يَطيرُ بِبازِ

فارسيٌّ لَهُ منَ المَجد تاجٌ

كانَ مِنْ جَوْهَرٍ على أبْرَوازِ

نَفْسُهُ فَوْقَ كلّ أصْلٍ شَريفٍ

ولَوَانّي لَهُ إلى الشّمس عازِ

شَغَلَتْ قَلْبَهُ حِسانُ المَعالي

عَنْ حِسانِ الوُجوهِ والأعجازِ

وكأنّ الفَريدَ والدُّرَّ واليا

قوتَ مِنْ لَفظِه وَسَامَ الرِّكازِ

تَقضَمُ الجَمرَ والحديدَ الأعادي

دونَهُ قَضْمَ سُكّر الأهْوازِ

بَلَّغَتْهُ البَلاغَةُ الجَهْدَ بالعَفْـ

وِ ونالَ الإسْهابَ بالإيجازِ

حامِلُ الحَرْبِ والدّياتِ عنِ القَوْ

مِ وثِقْلِ الدّيونِ والإعْوازِ

كيفَ لا يَشتَكي وكيفَ تَشَكّوْا

وبهِ لا بمَنْ شَكاها المَرازِي

أيّها الواسِعُ الفِناءِ وما فيـ

ـهِ مَبيتٌ لِمالِكَ المُجْتازِ

بكَ أضْحَى شَبَا الأسنّةِ عندي

كَشَبَا أسْوُقِ الجَرادِ النّوازِي

وانْثَنَى عَنّيَ الرُّدَيْنيُّ حتى

دارَ دَوْرَ الحُروفِ في هَوّازِ

وبآبائِكَ الكِرامِ التّأسّي

والتّسَلّي عَمّنْ مضَى والتّعازِي

ترَكوا الأرْضَ بَعدَما ذَلّلُوها

ومَشَتْ تَحتَهُمْ بلا مِهْمازِ

وأطاعَتْهُمُ الجُيوشُ وهِيبُوا

فكَلامُ الوَرَى لهُمْ كالنُّحازِ

وهِجانٍ على هِجانٍ تأيّتْـ

ـكَ عَديدَ الحُبوبِ في الأقْوازِ

صَفّها السّيرُ في العَراءِ فكَانَتْ

فَوْقَ مِثْلِ المُلاءِ مِثْلَ الطّرازِ

وحكَى في اللّحومِ فِعلَكَ في الوَفْـ

ـرِ فأوْدَى بالعَنْتَريسِ الكِنازِ

كُلّما جادَتِ الظّنونُ بوَعْدٍ

عَنْكَ جادَتْ يَداكَ بالإنجازِ

مَلِكٌ مُنْشِدُ القَريضِ لَدَيْهِ

يَضَعُ الثّوْبَ في يَدَيْ بَزّازِ

ولَنا القَوْلُ وهْوَ أدْرَى بفَحْوا

هُ وأهْدَى فيهِ إلى الإعْجازِ

ومِنَ النّاسِ مَن يَجوزُ عَلَيْهِ

شُعراءٌ كأنّهَا الخازِبَازِ

ويَرَى أنّهُ البَصيرُ بِهَذا

وهْوَ في العُمْيِ ضائِعُ العُكّازِ

كلُّ شِعْرٍ نَظيرُ قائِلِهِ فِيـ

ـكَ وعَقلُ المُجيزِ عَقلُ المُجازِ


أبو الطيب المتنبي


هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي، اشتهر باسم المتنبي، وُلِدَ في الكوفة في العراق عام 915 م، وهو من أبرز شعراء العصر العباسي
المزيد عن المتنبي