إذا كانَ مَدحٌ فالنّسيبُ المُقَدَّمُ
أكُلُّ فَصِيحٍ قالَ شِعراً مُتَيَّمُ
|
لَحُبّ ابنِ عَبدِالله أولى فإنّهُ
بهِ يُبدَأُ الذّكرُ الجَميلُ وَيُختَمُ
|
أطَعْتُ الغَواني قَبلَ مَطمَحِ ناظري
إلى مَنظَرٍ يَصغُرنَ عَنهُ وَيَعْظُمُ
|
تَعَرّضَ سَيْفُ الدّولَةِ الدّهرَ كلّهُ
يُطَبِّقُ في أوصالِهِ وَيُصَمِّمُ
|
فَجازَ لَهُ حتى على الشّمسِ حكمُهُ
وَبَانَ لَهُ حتى على البَدرِ مِيسَمُ
|
كأنّ العِدَى في أرضِهِم خُلَفاؤهُ
فإن شاءَ حازُوها وإن شاءَ سلّمُوا
|
وَلا كُتْبَ إلاّ المَشرَفيّةُ عِنْدَهُ
وَلا رُسُلٌ إلاّ الخَميسُ العَرَمْرَمُ
|
فَلَم يَخْلُ من نصرٍ لَهُ مَن لهُ يَدٌ
وَلم يَخْلُ مِن شكرٍ لَهُ من له فَمُ
|
ولم يَخْلُ من أسمائِهِ عُودُ مِنْبَرٍ
وَلم يَخْلُ دينارٌ وَلم يَخلُ دِرهَمُ
|
ضَرُوبٌ وَما بَينَ الحُسامَينِ ضَيّقٌ
بَصِيرٌ وَما بَينَ الشّجاعَينِ مُظلِمُ
|
تُباري نُجُومَ القَذفِ في كلّ لَيلَةٍ
نُجُومٌ لَهُ مِنْهُنّ وَردٌ وَأدْهَمُ
|
يَطَأنَ مِنَ الأبْطالِ مَن لا حَملنَهُ
وَمِن قِصَدِ المُرّانِ مَا لا يُقَوَّمُ
|
فَهُنّ مَعَ السِّيدانِ في البَرّ عُسَّلٌ
وَهُنّ مَعَ النّينَانِ في المَاءِ عُوَّمُ
|
وَهُنّ مَعَ الغِزلانِ في الوَادِ كُمَّنٌ
وَهُنّ مَعَ العِقبانِ في النِّيقِ حُوَّمُ
|
إذا جَلَبَ النّاسُ الوَشيجَ فإنّهُ
بِهِنّ وَفي لَبّاتِهِنّ يُحَطَّمُ
|
بغُرّتِهِ في الحَربِ والسّلْمِ والحِجَى
وَبَذلِ اللُّهَى وَالحمدِ وَالمجدِ مُعلِمُ
|
يُقِرُّ لَهُ بالفَضلِ مَن لا يَوَدُّهُ
وَيَقضِي لَهُ بالسّعدِ مَن لا يُنَجِّمُ
|
أجَارَ على الأيّامِ حتى ظَنَنْتُهُ
يُطالِبُهُ بالرّدّ عَادٌ وَجُرهُمُ
|
ضَلالاً لهذِي الرّيحِ ماذا تُرِيدُهُ
وَهَدياً لهذا السّيلِ ماذا يُؤمِّمُ
|
ألم يَسألِ الوَبْلُ الذي رامَ ثَنْيَنَا
فَيُخبرَهُ عَنْكَ الحَديدُ المُثَلَّمُ
|
وَلمّا تَلَقّاكَ السّحابُ بصَوبِهِ
تَلَقَّاهُ أعلى منهُ كَعْباً وَأكْرَمُ
|
فَبَاشَرَ وَجْهاً طالَمَا بَاشَرَ القَنَا
وَبَلّ ثِياباً طالَمَا بَلّهَا الدّمُ
|
تَلاكَ وَبَعضُ الغَيثِ يَتبَعُ بَعضَهُ
مِنَ الشّأمِ يَتْلُو الحاذِقَ المُتَعَلِّمُ
|
فزارَ التي زارَت بكَ الخَيلُ قَبرَها
وَجَشّمَهُ الشّوقُ الذي تَتَجَشّمُ
|
وَلمّا عَرَضتَ الجَيشَ كانَ بَهَاؤهُ
على الفَارِسِ المُرخى الذؤابةِ منهُمُ
|
حَوَالَيْهِ بَحْرٌ للتّجافيفِ مَائِجٌ
يَسيرُ بهِ طَودٌ مِنَ الخَيلِ أيْهَمُ
|
تَسَاوَت بهِ الأقْطارُ حتى كأنّهُ
يُجَمِّعُ أشْتاتَ الجِبالِ ويَنْظِمُ
|
وكُلُّ فَتًى للحَربِ فَوقَ جَبينِهِ
منَ الضّربِ سَطْرٌ بالأسنّةِ مُعجَمُ
|
يَمُدُّ يَدَيْهِ في المُفاضَةِ ضَيْغَمٌ
وَعَيْنَيْهِ من تَحتِ التّريكةِ أرقَمُ
|
كَأجْنَاسِهَا راياتُهَا وَشِعارُهَا
وَمَا لَبِسَتْهُ وَالسّلاحُ المُسَمَّمُ
|
وَأدّبَهَا طُولُ القِتالِ فَطَرفُهُ
يُشيرُ إلَيْهَا مِن بَعيدٍ فَتَفْهَمُ
|
تُجاوِبُهُ فِعْلاً وَما تَسْمَعُ الوَحَى
وَيُسْمِعُها لَحْظاً وما يَتَكَلّمُ
|
تَجانَفُ عَن ذاتِ اليَمينِ كأنّهَا
تَرِقّ لِمَيّافَارَقينَ وَتَرحَمُ
|
وَلَو زَحَمَتْهَا بالمَناكِبِ زَحْمَةً
دَرَت أيُّ سورَيها الضّعيفُ المُهَدَّمُ
|
على كُلّ طاوٍ تَحْتَ طاوٍ كَأنّهُ
من الدّمِ يُسقى أو من اللّحم يُطعَمُ
|
لها في الوَغَى زِيّ الفَوارِسِ فَوقَهَا
فكُلّ حِصانٍ دارِعٌ مُتَلَثّمُ
|
وما ذاكَ بُخْلاً بالنّفُوسِ على القَنَا
وَلَكِنّ صَدْمَ الشّرّ بالشّرّ أحزَمُ
|
أتَحْسَبُ بِيضُ الهِندِ أصلَكَ أصلَها
وَأنّكَ منها؟ سَاءَ ما تَتَوَهّمُ
|
إذا نَحْنُ سَمّيْناكَ خِلْنَا سُيُوفَنَا
منَ التّيهِ في أغْمادِها تَتَبَسّمُ
|
وَلم نَرَ مَلْكاً قَطّ يُدْعَى بدُونِهِ
فيَرضَى وَلكِنْ يَجْهَلُونَ وتَحلُمُ
|
أخَذْتَ على الأرواحِ كُلّ ثَنِيّةٍ
من العيشِ تُعطي مَن تَشاءُ وَتحرِمُ
|
فَلا مَوتَ إلاّ مِن سِنانِكَ يُتّقَى
وَلا رِزقَ إلاّ مِن يَمينِكَ يُقْسَمُ
|