بنا منكَ فوْقَ الرّملِ ما بك في الرّملِوهذا الذي يُضْني كذاكَ الذي يُبلي |
كأنّكَ أبصرْتَ الذي بي وخِفْتَهُإذا عشتَ فاخترتَ الحِمامَ على الثُّكلِ |
تركتَ خُدودَ الغانِياتِ وفَوْقَهادموعٌ تُذيبُ الحسن في الأعينِ النُّجلِ |
تَبُلّ الثّرَى سوداً منَ المِسكِ وحدَهوقد قطرَتْ حُمراً على الشّعَرِ الجَثلِ |
فإنْ تَكُ في قَبرٍ فإنّكَ في الحَشَاوإنْ تَكُ طفلاً فالأسَى ليسَ بالطفلِ |
ومِثْلُكَ لا يُبكَى على قَدْرِ سِنّهِولكِنْ على قدرِ المخيلَةِ والأصْلِ |
ألَستَ منَ القَوْمِ الأُلى مِنْ رِماحِهمْنَداهُم ومِن قتلاهُمُ مُهجةُ البخلِ |
بمَوْلودِهِمْ صَمْتُ اللّسانِ كغَيرِهِولكِنّ في أعْطافِهِ مَنطِقَ الفضْلِ |
تُسَلّيهِمِ عَلْياؤهُمْ عَن مُصابِهِمْويَشغَلُهُمْ كسبُ الثّناءِ عن الشغلِ |
أقَلُّ بَلاءً بالرّزايَا مِنَ القَنَاوأقْدَمُ بَينَ الجَحْفَلينِ من النَّبْلِ |
عَزاءَكَ سَيفَ الدّولَةِ المُقْتَدَى بهفإنّكَ نَصْلٌ والشّدائدُ للنّصلِ |
مُقيمٌ مِنَ الهَيجاءِ في كلّ مَنزِلٍكأنّكَ من كلّ الصّوارِمِ في أهلِ |
ولم أرَ أعصَى منكَ للحُزْنِ عَبرَةًوأثْبَتَ عَقْلاً والقُلُوبُ بلا عَقلِ |
تَخُونُ المَنايا عَهْدَهُ في سَليلِهِوتَنصُرُهُ بَينَ الفَوارِسِ والرَّجْلِ |
ويَبقَى على مَرّ الحَوادِثِ صَبرُهُويَبدو كمَا يَبدو الفِرِنْدُ على الصّقلِ |
ومَنْ كانَ ذا نَفسٍ كنَفسِكَ حرّةٍفَفيهِ لها مُغْنٍ وفيها لَهُ مُسلِ |
وما الموْتُ إلاّ سارِقٌ دَقّ شَخْصُهُيَصولُ بلا كَفٍّ ويَسعى بلا رِجْلِ |
يَرُدُّ أبو الشّبلِ الخَميسَ عنِ ابنِهِويُسْلِمُهُ عِندَ الوِلادَةِ للنّملِ |
بنَفسي وَليدٌ عادَ مِن بَعدِ حَمْلِهِإلى بَطنِ أُمٍّ لا تُطرقُ بالحَمْلِ |
بَدَا ولَهُ وَعْدُ السّحابَةِ بالرِّوَىوصَدَّ وفينا غُلّةُ البَلَدِ المَحْلِ |
وقد مَدّتِ الخَيلُ العِتاقُ عُيونَهاإلى وَقتِ تَبديلِ الرّكابِ من النّعلِ |
ورِيعَ لَهُ جَيشُ العَدوّ وما مشَىوجاشتْ له الحرْبُ الضَّروسُ وما تغلي |
أيَفْطِمُهُ التَّوْرابُ قَبلَ فِطامِهِويأكُلُهُ قبلَ البُلُوغِ إلى الأكلِ |
وقبلَ يرَى من جودِهِ ما رأيتَهُويَسمَعُ فيهِ ما سمعتَ من العذلِ |
ويَلقَى كمَا تَلقَى من السّلمِ والوَغَىويُمسِي كمَا تُمسِي مَليكاً بلا مِثلِ |
تُوَلّيهِ أوساطَ البِلادِ رِماحُهُوتَمْنَعُهُ أطرافُهُنّ منَ العَزْلِ |
أنَبْكي لمَوتانا على غَيرِ رَغْبَةٍتَفُوتُ مِنَ الدّنْيا ولا مَوْهبٍ جَزْلِ |
إذا ما تأمّلتَ الزّمانَ وصَرْفَهُتيَقّنْتَ أنّ الموْتَ ضرْبٌ من القتلِ |
وما الدّهرُ أهلٌ أنْ تُؤمَّلَ عِندَهُحَياةٌ وأنْ يُشتاقَ فيهِ إلى النّسلِ |