نزور ديارا ما نحب لها مغنى



نَزُورُ دِياراً ما نُحِبّ لهَا مَغْنى

وَنَسْألُ فيها غَيرَ ساكِنِهَا الإذْنَا

نَقُودُ إلَيْهَا الآخِذاتِ لَنَا المَدَى

عَلَيْهَا الكُماةُ المُحْسِنونَ بها ظَنّا

وَنُصْفي الذي يُكنى أبا الحسنِ الهَوَى

وَنُرْضِي الذي يُسمى الإلهَ وَلا يُكنى

وَقَدْ عَلِمَ الرّومُ الشّقِيّونَ أنّنَا

إذا ما تَرَكْنا أرْضَهُمْ خلفَنا عُدْنَا

وَأنّا إذا ما المَوْتُ صَرّحَ في الوَغَى

لبِسنا إلى حاجاتِنا الضّرْبَ والطّعْنَا

قَصَدْنَا لَهُ قَصْدَ الحَبيبِ لِقاؤهُ

إلَيْنَا وَقُلْنَا للسّيُوفِ هَلُمّنَّا

وَخَيْلٍ حَشَوْنَاهَا الأسِنّةَ بَعدَمَا

تكَدّسنَ من هَنّا عَلَيْنَا وَمن هَنّا

ضُرِبنَ إلَيْنَا بالسّياطِ جَهَالَةً

فَلَمّا تَعَارَفْنَا ضُرِبنَ بهَا عَنّا

تَعَدَّ القُرَى وَالْمُسْ بنا الجيشَ لمسةً

نُبَارِ إلى ما تَشتَهي يَدَكَ اليُمْنى

فَقَدْ بَرَدَتْ فَوْقَ اللُّقَانِ دِماؤهمْ

وَنحنُ أُنَاسٌ نُتْبِعُ البارِدَ السُّخنَا

وَإنْ كنتَ سَيفَ الدوْلَةِ العَضْبَ فيهمِ

فدَعنا نكنْ قبل الضّرابِ القنا اللُّدنَا

فنَحنُ الأُلى لا نَأتَلي لكَ نُصرَةً

وَأنْتَ الذي لَوْ أنّهُ وَحْدَهُ أغنى

يَقيكَ الرّدَى مَن يَبْتَغي عندك العُلى

وَمَن قال لا أرْضَى من العيش بالأدنَى

فلَوْلاكَ لم تَجرِ الدّماءُ وَلا اللُّهَى

وَلم يَكُ للدّنْيا وَلا أهلِها مَعْنى

وَمَا الخَوْفُ إلاّ مَا تَخَوّفَهُ الفَتى

وَمَا الأمْنُ إلاّ ما رآهُ الفَتى أمْنَا


أبو الطيب المتنبي


هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي، اشتهر باسم المتنبي، وُلِدَ في الكوفة في العراق عام 915 م، وهو من أبرز شعراء العصر العباسي
المزيد عن المتنبي