ألا كل ماشية الخيزلى



ألا كُلُّ مَاشِيَةِ الخَيْزَلَى

فِدَى كلِّ ماشِيَةِ الهَيْذَبَى

وَكُلِّ نَجَاةٍ بُجَاوِيَّةٍ

خَنُوفٍ وَمَا بيَ حُسنُ المِشَى

وَلَكِنّهُنّ حِبَالُ الحَيَاةِ

وَكَيدُ العُداةِ وَمَيْطُ الأذَى

ضرَبْتُ بهَا التّيهَ ضَرْبَ القِمَا

رِ إمّا لهَذا وَإمّا لِذا

إذا فَزِعَتْ قَدّمَتْهَا الجِيَادُ

وَبِيضُ السّيُوفِ وَسُمْرُ القَنَا

فَمَرّتْ بِنَخْلٍ وَفي رَكْبِهَا

عَنِ العَالَمِينَ وَعَنْهُ غِنَى

وَأمْسَتْ تُخَيّرُنَا بِالنّقا

بِ وَادي المِيَاهِ وَوَادي القُرَى

وَقُلْنَا لهَا أينَ أرْضُ العِراقِ

فَقَالَتْ وَنحنُ بِتُرْبَانَ هَا

وَهَبّتْ بِحِسْمَى هُبُوبَ الدَّبُو

رِ مُستَقْبِلاتٍ مَهَبَّ الصَّبَا

رَوَامي الكِفَافِ وَكِبْدِ الوِهَادِ

وَجَارِ البُوَيْرَةِ وَادي الغَضَى

وَجَابَتْ بُسَيْطَةَ جَوْبَ الرِّدَا

ءِ بَينَ النّعَامِ وَبَينَ المَهَا

إلى عُقْدَةِ الجَوْفِ حتى شَفَتْ

بمَاءِ الجُرَاوِيّ بَعضَ الصّدَى

وَلاحَ لهَا صَوَرٌ وَالصّبَاحَ

وَلاحَ الشَّغُورُ لهَا وَالضّحَى

وَمَسّى الجُمَيْعيَّ دِئْدَاؤهَا

وَغَادَى الأضَارِعَ ثمّ الدَّنَا

فَيَا لَكَ لَيْلاً على أعْكُشٍ

أحَمَّ البِلادِ خَفِيَّ الصُّوَى

وَرَدْنَا الرُّهَيْمَةَ في جَوْزِهِ

وَبَاقيهِ أكْثَرُ مِمّا مَضَى

فَلَمّا أنَخْنَا رَكَزْنَا الرّمَا

حَ بَين مَكارِمِنَا وَالعُلَى

وَبِتْنَا نُقَبّلُ أسْيَافَنَا

وَنَمْسَحُهَا من دِماءِ العِدَى

لِتَعْلَمَ مِصْرُ وَمَنْ بالعِراقِ

ومَنْ بالعَوَاصِمِ أنّي الفَتى

وَأنّي وَفَيْتُ وَأنّي أبَيْتُ

وَأنّي عَتَوْتُ على مَنْ عَتَا

وَمَا كُلّ مَنْ قَالَ قَوْلاً وَفَى

وَلا كُلُّ مَنْ سِيمَ خَسْفاً أبَى

وَلا بُدَّ للقَلْبِ مِنْ آلَةٍ

وَرَأيٍ يُصَدِّعُ صُمَّ الصّفَا

وَمَنْ يَكُ قَلْبٌ كَقَلْبي لَهُ

يَشُقُّ إلى العِزِّ قَلْبَ التَّوَى

وَكُلُّ طَرِيقٍ أتَاهُ الفَتَى

على قَدَرِ الرِّجْلِ فيه الخُطَى

وَنَام الخُوَيْدِمُ عَنْ لَيْلِنَا

وَقَدْ نامَ قَبْلُ عَمًى لا كَرَى

وَكانَ عَلى قُرْبِنَا بَيْنَنَا

مَهَامِهُ مِنْ جَهْلِهِ وَالعَمَى

لَقَد كُنتُ أَحسِبُ قَبلَ الخَصِيِّ

أَنَّ الرُؤوسَ مَقَرُّ النُهى

فَلَمّا نَظَرتُ إِلى عَقلِهِ

رَأَيتُ النُهى كُلَّها في الخُصى

وَماذا بمِصْرَ مِنَ المُضْحِكاتِ

وَلَكِنّهُ ضَحِكٌ كالبُكَا

بهَا نَبَطيٌّ مِنَ أهْلِ السّوَادِ

يُدَرِّسُ أنْسَابَ أهْلِ الفَلا

وَأسْوَدُ مِشْفَرُهُ نِصْفُهُ

يُقَالُ لَهُ أنْتَ بَدْرُ الدّجَى

وَشِعْرٍ مَدَحتُ بهِ الكَرْكَدَنّ

بَينَ القَرِيضِ وَبَينَ الرُّقَى

فَمَا كانَ ذَلِكَ مَدْحاً لَهُ

وَلَكِنّهُ كانَ هَجْوَ الوَرَى

وَقَدْ ضَلّ قَوْمٌ بأصْنَامِهِمْ

فأمّا بِزِقّ رِيَاحٍ فَلا

وَتِلكَ صُموتٌ وَذا ناطِقٌ

إِذا حَرَّكوهُ فَسا أَو هَذى

وَمَنْ جَهِلَتْ نَفْسُهُ قَدْرَهُ

رَأى غَيرُهُ مِنْهُ مَا لا يَرَى


أبو الطيب المتنبي


هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي، اشتهر باسم المتنبي، وُلِدَ في الكوفة في العراق عام 915 م، وهو من أبرز شعراء العصر العباسي
المزيد عن المتنبي