رويدك أيها الملك الجليل



رُوَيْدَكَ أيّها المَلِكُ الجَليلُ

تَأنّ وعُدَّهُ ممّا تُنيلُ

وجُودَكَ بالمُقامِ ولَوْ قَليلاً

فَما فيما تَجُودُ بهِ قَليلُ

لأِكْبُتَ حاسِداً وأرَى عَدُوّاً

كأنّهُما وَداعُكَ والرّحيلُ

ويَهْدَأ ذا السّحابُ فقد شكَكنا

أتَغلِبُ أمْ حَياهُ لَكُم قَبيلُ

وكنتُ أعيبُ عَذْلاً في سَماحٍ

فَها أنَا في السّماحِ لَهُ عَذولُ

وما أخشَى نُبُوّكَ عَنْ طَريقٍ

وسَيفُ الدّوْلَةِ الماضي الصّقيلُ

وكلُّ شَواةِ غِطْريفٍ تَمَنّى

لسَيرِكَ أنّ مَفرِقَها السّبيلُ

ومِثْلِ العَمْقِ مَمْلُوءٍ دِماءً

جَرَتْ بكَ في مجاريهِ الخُيُولُ

إذا اعتادَ الفَتى خوْضَ المَنايا

فأهْوَنُ ما يَمُرّ بهِ الوُحُولُ

ومَن أمَرَ الحُصُونَ فَما عَصَتْه

أطاعَتْهُ الحُزُونَةُ والسّهُولُ

أتَخْفِرُ كُلَّ مَنْ رَمَتِ اللّيالي

وتُنشرُ كلَّ مَن دَفنَ الخُمولُ

ونَدعوكَ الحُسامَ وهَلْ حُسامٌ

يَعيشُ بهِ مِنَ المَوْتِ القَتيلُ

وما للسّيفِ إلاّ القَطْعَ فِعْلٌ

وأنْتَ القاطعُ البَرُّ الوَصُولُ

وأنْتَ الفارِسُ القَوّالُ صَبْراً

وقَد فَنيَ التكلّمُ والصّهيلُ

يَحيدُ الرّمحُ عنكَ وفيهِ قَصْدٌ

ويَقصُرُ أنْ يَنالَ وفيهِ طُولُ

فلَوْ قَدَرَ السّنانُ على لِسانٍ

لَقالَ لكَ السّنانُ كما أقولُ

ولوْ جازَ الخُلودُ خَلَدتَ فَرْداً

ولكِنْ ليسَ للدّنْيا خَليلُ


أبو الطيب المتنبي


هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي، اشتهر باسم المتنبي، وُلِدَ في الكوفة في العراق عام 915 م، وهو من أبرز شعراء العصر العباسي
المزيد عن المتنبي