عذيري من عذارى من أمور



عَذيري مِنْ عَذارَى من أُمورِ

سَكَنّ جَوانحي بَدَلَ الخُدورِ

ومُبْتَسِماتِ هَيْجاواتِ عصرٍ

عنِ الأسيافِ لَيسَ عنِ الثّغُورِ

رَكِبتُ مُشَمِّراً قَدَمي إلَيها

وكُلَّ عُذافِرٍ قَلِقِ الضُّفُورِ

أواناً في بُيُوتِ البَدْوِ رَحْلي

وآوِنَةً عَلى قَتَدِ البَعِيرِ

أُعَرِّضُ للرّماحِ الصُّمِّ نَحرِي

وأنْصِبُ حُرّ وَجْهي للهَجيرِ

وأسري في ظَلامِ اللّيلِ وَحْدي

كأنّي مِنْهُ في قَمَرٍ مُنِيرِ

فَقُلْ في حاجةٍ لم أقْضِ مِنها

على شَغَفي بها شَرْوَى نَقِيرِ

ونَفْسٍ لا تُجيبُ إلى خَسِيسٍ

وعَينٍ لا تُدارُ على نَظيرِ

وكَفٍّ لا تُنازِعُ مَنْ أتَاني

يُنازِعُني سِوَى شَرَفي وخِيري

وقِلّةِ ناصِرٍ جُوزِيتَ عني

بشَرٍّ مِنكَ يا شَرّ الدّهورِ

عَدُوّي كُلُّ شيءٍ فيكَ حتى

لخِلْتُ الأُكْمَ مُوغَرَةَ الصُّدورِ

فلَوْ أنّي حُسِدْتُ عَلى نَفيسٍ

لجُدْتُ بهِ لِذي الجَدِّ العَثُورِ

ولكِنّي حُسِدْتُ على حَياتي

وما خَيرُ الحَياةِ بِلا سُرُورِ

فيا ابنَ كَرَوّسٍ يا نِصْفَ أعمى

وإن تَفخَرْ فيا نِصْفَ البَصيرِ

تُعادينا لأنّا غَيرُ لُكْنٍ

وتُبْغِضُنا لأنّا غَيرُ عُورِ

فلَوْ كنتَ امرأً يُهْجى هَجَوْنا

ولكِنْ ضاقَ فِتْرٌ عَن مَسيرِ


أبو الطيب المتنبي


هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي، اشتهر باسم المتنبي، وُلِدَ في الكوفة في العراق عام 915 م، وهو من أبرز شعراء العصر العباسي
المزيد عن المتنبي